المشهد الأول

أستلقي على ظهري في غرفة مظلمة، عيناي مفتوحتان، حذرتان. أنتظر بضع دقائق حتى يستغرق شريكي المستلقي إلى جانبي في النوم، بعد أن انتهينا لمرة أخرى من ممارسة الجنس أو المحاولة على الأقل.

أتأكد من نومه. أهزّه. أتأكد. أمد يدي اليمنى تحت الغطاء، أبدء بدلك بظري بصمت. أكتم نشوتي. أمتع ذاتي بعد أن فشل شريكي بإمتاعي مرة أخرى.

كتبت في السابق عن معاناتي مع التشنج المهبلي وخيبة أملي المتكررة في إطفاء عقلي، الماضي وتراكماته وإدراك اللحظة والاستسلام للرغبة. قضيت سنوات جاهدةً لفهم جسدي محاولة التصالح معه آملة أن يكون لذلك أثر إيجابي على حالتي النفسية وبالتالي على حياتي الجنسية. أن يكون ذلك الصلح هو حلقة الوصل بين عقلي وأعضائي.

وها أنا أكتب عن فصل جديد من حياتي مدركة العوامل التي هيأتني لتجاوز مشكلتي تلك، على أمل أن يكون لرواية هذه القصة أثر إيجابي على غيري من النساء اللاتي عانين ولازلن يعانين من ذات المشكلة.

لم أتصور بعد سنوات من المعاناة بعد ظني بأنني استسلمت لعدم قدرتي على ممارسة الجنس بشكل طبيعي وسلس أن لهذه المشكلة حلا، وأن الحل كان يكمن في تغيير مجموعة من الخيارات.

أهملت خوفي الشديد من الحمل، الغير متوقع والمخطط له، فلم أكن على قناعة تامة أن يكون شريكي، هو شريك للحياة، كانت تلك الفكرة جوهر المؤثرات على رغبتي الشديدة بالتحكم وظهورها على هيئة تشنجات.

حاولت تخطي قلة تجاوب شريكي للقراءة عن الجنس وتثقيف نفسه باحتياجات المرأة وحاجتي بشكل خاص لما أمر به من معضلة. واعتباره أن الجنس يحدث هكذا بلا أي مقدمات. حاولت تجاوز الفتور وصعوبة تقبلي للمسه لي ومحاولات المداعبة، فقد أصبحنا مجرد رفيقين حجرة ليس إلا.

سألت نفسي عدة مرات

هل الجاذبية الجسدية شيء حقيقي؟ هل يمكنني لمسها؟ هل الثقافة الجنسية عامل مهم لكلى الطرفين لإمتاع الآخر؟ هل الثقة بالشريك أساس للجنس؟ هل النضوج الفكري هو ما يوجه خيارنا للشريك أم هو نتاج صراع داخلي؟ كيف تُشكّل تركيبتنا الرومانتيكية خلال نمونا؟ هل الجنس عامل مهم في نجاح العلاقة وتوطيدها؟ هل الحميمية نتيجة للحب؟ هل المشكلة تكمن فيني أنا أم فيه هو؟ أم في كلانا؟ هل لي الاعتماد على الوقت كعنصر يحدد شعوري تجاه لمسه لجسدي مرة تلو الأخرى متوقعة تعزيز ثقتي بيديه مرشدة إياي للنشوة؟

كبداية، كتابتي عن تجاربي الأولى مع الجنس واكتشافي للتشنج المهبلي كمعضلة جسدية ونفسية، كنت أجهل أن العديد من النساء يواجهنها، تعد أول قطرة للغيث. اقتناعي الداخلي والذي تطلب الكثير من الجهد بأن الحديث عن المشكلة لا يعد ضعفًا، بل على العكس، الخجل والكتمان لم يساهم إلا بالتعزيز من شعوري بالإحباط. كتابتي شجعت العديد من النساء لمشاركة قصصهن كرد على ما سردته من تفاصيل ساعدت على القضاء على شعوري بالوحدة.

الانجذاب للعقل هو من أساسيات العلاقات العاطفية وقد يكون رأي البعض أن انعدام الجاذبية الجنسية والجسدية أو ضعفها (ما ينعت بالكيميستري بالإنجليزية) ليست إلا عنصرا ثانويا يمكن تخطيه أو إيجاده مع الوقت، سمعت كثيرا أن انسجام الشخصيات والجاذبية يندر وجودهما في شخص واحد.

بعد جهد لإصلاح ما يمكن إصلاحه في علاقتي تلك اكتشفت أن المحاولة لم تعد مجدية. الآن أخوض علاقة جديدة أثبتت لي عكس كل ذلك.

يأتي في مخيلتي كلام إحدى صديقاتي عندما حاولت وصف علاقتها الزوجية ذات مرة قائلة: "تخيلي أرض خالية لا يوجد عليها إلا أساس منزل. الآن تخيلي أن في كل مرة نمارس فيها الجنس، في كل مرة، نجد أرواحنا تتواصل، نشعر بأننا نبني جزء جديد من هذا المنزل."

لازلت مقتنعة أن بناء روابط مشتركة تعزز من العلاقة جزء مهم لا يمكن إهماله. أن الحب والألفة يؤسسان على الثقة، التوافق الثقافي والعقلي، والجاذبية الجنسية في آن معا.

المشهد الثاني

أستلقي على صدر شريكي بعد ساعات من المتعة المستمرة. الابتسامة تعلو وجهينا. يقبلني، يمرر أصابعه في شعري. طمأنينة، حب، توق، شوق لإعادة الكرّة، نكتشف فيها من جديد معنى أن نكون سويًّا، أن نبقى جسدا واحدا. أدرك كلام صديقتي، جسدان متحدان، وفي كل مرة أشعر بأننا نخلق مساحة جديدة نجد فيها جزءا لم نعرفه عن الاكتشاف والرغبة. هذا، هذا الشعور هو لقائنا مع الجاذبية.

لا أدعي أنني وجدت الوصفة السحرية لعلاج التشنج المهبلي، ولا أدعي أن أسباب مشكلتي هي ذاتها التي يمر بها جميع النساء. ما أستطيع قوله هو أن لكل قصة فصول وأن العثور على الضوء في نهاية النفق ليس بالمستحيل حتى إن كانت جميع الإشارات قد تشعرنا بذلك.